به بعد نحو ثلاثة قرون روجر بيكون وغيره ممن اخترعوا المجهار "الميكرسكوب" والمقراب "التلسكوب" فيما لاحظ مؤرخ الحضارات ول ديورانت.
لقد أشار الرازي في كتابه "سر الأسرار" إلى الآلات التي تستخدم لتحضير العقاقير، وقد نشر يوليوس روسكا "Ruska" في عام "1937م" ترجمة لهذا الكتاب يتضمن القول: إن الكيمياء بدأت علما تجريبيا في هذا الكتاب، ومن أجل هذا كان خليقا بأن يكون منشئ علم الكيمياء قبل لافوازييه "Lavoisier" بنحو تسعة قرون من الزمان، وقد سبق جابر بن حيان إلى جعل الميزان أساسا للتجريب، ففطن إلى التفرقة بين الكيفيات والكميات، وبهذا حقق للدراسات الكيميائية خاصة من أهم خصائص العلم تحقيقا للدقة والضبط.
وفي الطب استخدم جراحو العرب مئات الآلات في التشريح وإجراء الجراحات، ومن ذلك أكبر جراحي العصور الوسطى أبو القاسم الزهراوي "ت414هـ/ 1013م" صاحب "التصريف لمن عجز عن التأليف" وقد عولت الجامعات الأوروبية على كتابه حتى مطلع العصر الحديث، منذ أن ترجم الجزء الجراحي"جيرار كريموني" إلى اللاتينية، فكان مرجعا في جامعتي سالرنو ومونبلييه وغيرهما، ومنذ عصره كان أقرانه ممن يزاولون الجراحة في إسبانيا يمنحون لقب طبيب جراح "Medeican-Surgeon" بينما كان قرينهم في جامعة باريس أو لندن أو أدنبره يمنح لقب حلاق جراح "رضي الله عنهarber-Surgeon".
أما استخدام العرب لآلات وأجهزة علم الفلك فقد كان أوضح من هذا كله، إن أهم ما في الفلك أرصاده التي تستخدم لمعرفة حركة الأجرام السماوية، وقد بدأت الأرصاد المنظمة في مطلع القرن "التاسع" وكان أول مرصد عرف في تاريخ الفلك قد أنشئ في الإسكندرية في عصر بطليموس، وظل وحيدا حتى أنشأ العرب مراصدهم في بغداد ودمشق والقاهرة ومراغة وسمرقند وغيرها، والآلات التي استخدموها في هذه