البديع" وهو فيه على وعي تام بأنه أول من قام بدراسة نظامية لفنون الشعر، وعبر عن أمله في أن يكشف غيره أنواعا أخرى، وبذلك يزيدون عمله تحسينا، وبذا يكون ابن المعتز أول مسلم يفكر في العلم بوصفه واجبا، لا بد من مواصلته للتمكن منه باطراد بوساطة تعاون أجيال متعاقبة من العلماء، أما السكاكي "ت 627هـ/ 1229م" فقد جنح أصلا إلى العلم لما شهده من التشريف الذي كان يحظى به العلماء الكبار، كيف دعم أركان تقليد شريف عندما عاد بعد عرض وجهة نظره في مسألة بيانية ملخص وجهة نظر خصومه وترك للقارئ الحكم1.

كانت الاتجاهات السائدة في المجتمع الإسلامي تحبذ أن يكون العالم نموذجا معياريا للأخلاق والأنشطة البشرية، ولقد يلوح أن رجل العلم كان يظن فيه في البداية الإحاطة بكل شيء تقريبا، ونظرا لعدم وجود معايير معترف بها مسلمة فيما يجوز تصديقه عقلا، كان من العسير الفصل بين الإدراك المتولد من العلم ومثيله الذي يجيء عن طريق الإلهام "Inspiration" ونستخلص من التراث العربي ما يلفت النظر في النزعة الكريمة لدى العلماء الأوائل الذين واجهوا بشجاعة أهل الجمهور فيهم باعترافهم بقلة ما لديهم من معلومات مما ذكره السيوطي "ت 911هـ/ 1505م" في فصل ثم يتبع فصلا عقده في ذكر "من سُئل من علماء العربية عن شيء فقال: لا أدري، بفصل آخر سجل فيه أسماء من سُئل عن شيء فلم يعرفه فسأل من هو أعلم منه، ثم يذكر كذلك عددا من الأعلام الثقات الذين جرءوا على الرجوع عن رأيهم بعد طول البحث"2، وقد صاغ المبرد "ت 306هـ/ 898م" مبدءا يبرر فيه اعتراف الإنسان بخطئه فيقول: "إنه يمحو الذنب الذي قد يترتب على الوقوع في الأخطاء ونشرها بين الناس".

لقد سما العصر العظيم الزاهر للحضارة العربية الإسلامية بالعلماء، واستطاع أن يقيم للعالم مثلا أعلى ساميا حقا3، "ويأبي العلم أن يضع كنفه أو يختفي جناحه أو يسفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015