"Induction" الذي يتبعه العلماء التجريبيون عادة يكمل الأسلوب القياسي، أو المنطقي الذي يميل إليه الفلاسفة، فطريقهما واحد متكامل1.

أشرنا سابقا إلى وجوب اهتمام الجامعات بتربية الكوادر العلمية، ومن هنا أصبحت دراسة مناهج البحث جزءا لا يتجزأ من تربيتهم وبرامج دراستهم، إن أول ما يستهدف إليه الإلمام بمناهج البحث هو مساعدة الدارس على تنمية قدراته على فهم أنواع البحوث والإلمام بالمفاهيم والأسس والأساليب التي يقوم عليها البحث العلمي، ومثل هذه الدراسة لا غنى عنها لطالب الدراسات العليا، بخاصة أنها تساعده على الاختيار السليم لمشكلة معينة لبحثه وتحديدها، وصياغة فروضها واختيار وتحديد النسب والأساليب لدراستها، والتوصل إلى نتائج يوثق بصحتها، وبعبارة أخرى فإن مثل هذه الدراسة تزوده بالمعرفة، والمهارات التي تجعله أكثر قدرة على تصميم خطة بحثه، وحسن تنفيذها وفق منهج البحث العلمي.

كذلك فإن دراسة مناهج البحث تزود الدارس بالخبرات التي تمكنه من القراءة التحليلية النافذة للبحوث وملخصاتها وتقويم نتائجها، أو الحكم على ما إذا كانت الأساليب المستخدمة في هذه البحوث تدفع إلى الثقة بنتائجها ومعدل الاستفادة منها في مجالات التطبيق والعمل، ويزيد من أهمية هذه الوظيفة أن التقدم العلمي في وقتنا الحاضر جعلنا مستهلكين لنتائج البحوث العلمية في عديد من مجالات حياتنا، إن لم يكن في جميع هذه المجالات، ويؤكد هذا أن دراسة مناهج البحث ضرورة لا غنى عنها للباحثين المشتغلين في مجالات البحث العلمي.

ومن ناحية أخرى، فإن الخبرة التي توفرها هذه الدراسة، يحتاج إليها المشتغلون في مهن وأعمال أخرى غير البحث العلمي، فهي ضرورية للعالم والمهندس والطبيب والإداري وغيرهم، تساعدهم على تحقيق فهمٍ أفضل، وتقويم لنتائج بحوثهم العلمية، كما أنها تزيد من قدراتهم على اتخاذ القرارات الحكيمة، إزاء المشكلات والصعوبات التي تواجههم في مجالات عملهم، وسوف نأتي في موضع آخر على المناهج الرئيسية المستخدمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015