ويأخذ منه ويدع، ويذكر منه ما يتلاحم، ويحذف ما لا علاقة له بالموضوع، أو له علاقة واهية، ولو عمد الباحث إلى جمع كل ما له صلة لأدنى ملابسة لتضخم البحث وشاع فيه الفوضى وانفصلت حلقاته المتتابعة، وضعف التسلسل المطرد الذي يربط بين فقرات البحث، ويشد موضوعاته المترابطة وأفكاره الوثيقة الاتصال فيه.
وإذا أراد الباحث أن ينقل نصا يتصل بالموضوع، فعليه أن يكون دقيقا في النقل، وأن يكتب النص كاملا، بشرط ألا يطول، فإن طال -وكان من الضروري نقله- اكتفى الباحث بإعطاء فكرة موجزة عن مضمونه ثم يذكر جزءا يسيرا منه بنصه، ويشير إلى الباقي في مصدره حتى يتمكن القارئ من الرجوع إليه إن أراد، وفي بعض الأحيان ينقل الباحث النص بتصرف، وعليه حينئذ أن يشير إلى ذلك، وينص على أنه نقله "بتصرف".
وقبل أن يدون الباحث الفكرة، يتمهل في قراءتها المرة بعد المرة، ويراعي الدقة في فهمها والوصول إلى ما وراءها، فإن لكل عبارة ظاهرا أو معنى خفيا، ولا بد من التفريق بين المعنيين لكي يتعرف الباحث على غرض صاحب الفكرة قبل أن يدونها، أو يكتب رأيه فيها.
وبعد المعاودة والتكرار للفكرة والمراجعة والتفسير للعبارة يعمل على تذوقها، وتظل تعايش خواطره ومشاعره التي اكتسبها من