وعناصرها وتراكيبها، فالأديب لا يقنع بالعلاقات بين الأشياء المصورة كما هي في الواقع، ولا يقتصر على فهمها وبيانها فقط كالشأن في الخواطر العقلية، ولكنه يغيرها ويقيم غيرها أو يبدل في بعضها، أو يضيف علاقات جديدة، يبث فيها من روحه وتنبض بحيوية من قلبه، وتنتظم من شعوره الذاتي وإحساسه المفرد.

وبملكة الخيال يحس الشاعر بالحياة والحركة والروح في كل شيء، ويتردد أصداء ذلك في نفسه، وتشف عن روحه؛ فيشعر بوشوشة الأغصان التي تكشف عن أسرار الجمال بمقدم الربيع، فالأديب الحق هو الذي يؤثر في النفس بخياله الرائع؛ فيستخدم الأشكال والألوان، في نسق عجيب، وتصوير بديع، ليظهر الأدب في صور أزهى من الواقع، وأقوى من الطبيعة في ألوانها وأشكالها المنثورة هنا وهناك.

والأدب أيضا يعتمد على عنصر آخر لا يوجد في العلوم، وهو الموسيقى، إذ بها يتميز عن العلوم في باب التعبير بالكلمة، والموسيقى تعبير رمزي عن شعور أو عاطفة أو انفعال نبع اللحن فيه من أوتار خاصة، وعلى نحو خاص، وهي في ذاتها فن مستقل له أصوله، ولكن الإيقاع فيه ليس مقصورا عليه، بل لقد نالت الفنون الأخرى حظا منه، يختلف كل فن فيها من حيث الشكل والنوع، والدرجة، والوضوح.

فشكل الإيقاع في الرقص تعتمد على حركات الجسد وتوقيعاته المختلفة، وفي الرسم رقعة وألوان وأضواء وظلال، وفي التمثال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015