التَّالِي يسْجد فَإِن السَّجْدَة مُفْردَة من غير سَبَب لَيست قربَة على الرَّأْي الظَّاهِر كَمَا قَرَّرَهُ فِي كتاب الصَّلَاة قَالَ أَبُو نصر الأرغباني سُجُود الشُّكْر سنة عِنْد مفاجأة نعْمَة واندفاع نقمة وبلية وَلَا تسْتَحب لدوام النعم وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة جرت عَادَة بعض النَّاس بِالسُّجُود بعد الْفَرَاغ من الصَّلَاة يَدْعُو فِيهِ قَالَ وَتلك سَجْدَة لَا يعرف لَهَا أصل وَلَا نقلت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا عَن أَصْحَابه وَالْأولَى أَن يَدْعُو بِالصَّلَاةِ لما روى من الْأَخْبَار فِيهِ وَالله أعلم
قلت وَلَا يلْزم من كَون السُّجُود قربَة فِي الصَّلَاة أَن يكون قربه خَارج الصَّلَاة كالركوع قَالَ الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد لم ترد الشريعه بالتقرب الى الله تَعَالَى بِسَجْدَة مُنْفَرِدَة لَا سَبَب لَهَا فَإِن الْقرب لَهَا أَسبَاب وشرائط وأوقات واركان لَا تصلح بِدُونِهَا وكما لَا يتَقرَّب الى الله تَعَالَى بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَة ومزدلفة وَرمي الْجمار وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة من غير نسك وَاقع فِي وقته بأسبابه وشرائطه فَكَذَلِك لَا يتَقرَّب الى اللهتعالى بِسَجْدَة مُنْفَرِدَة وان كَانَت قربَة اذا كَانَ لَهَا سَبَب صَحِيح وَكَذَلِكَ لَا يتَقرَّب الى الله تَعَالَى بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَام فِي كل وَقت وَأَوَان وَرُبمَا تقرب الجاهلون الى الله تَعَالَى بِمَا هُوَ مبعد عَنهُ من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ
قلت وَهَذَا صَحِيح فَفِي الحَدِيث عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا قَالَت أَن كنت لأفتل قلائد هدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يبْعَث بهَا وَهُوَ مُقيم مَا يجْتَنب شَيْئا مِمَّا يجْتَنب الْمحرم قَالَ وَكَانَ بلغَهَا أَن زِيَاد بن أبي سُفْيَان أهْدى وتجرد قَالَ فَقَالَت هَل كَانَت لَهُ كعبة يطوف بهَا فَإنَّا لَا نعلم أحدا نحرم عَلَيْهِ الثِّيَاب وَتحل لَهُ حَتَّى يطوف الْكَعْبَة رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن الْكَبِير ثمَّ قَالَ أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام وَفِي السّنَن الْكَبِير أَيْضا عَن أبي الصّديق النَّاجِي قَالَ رأى عبد الله ابْن عمر رضى الله عَنْهُمَا قوما قد اضطجعوا بعد الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفجْر فَقَالَ أرجع اليهم فاسألهم مَا حملهمْ على مَا صَنَعُوا قَالَ فأتيتهم فسألتهم فَقَالُوا نُرِيد السّنة قَالَ فَارْجِع اليهم فاخبرهم أَنَّهَا بِدعَة