. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . S
= لا يرد كل مكفر ببدعته، لأن كل طائفة تدعي أن مخالفتها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف.
والمعتمد: أن الذي ترد روايته من أنكر أمرًا متواترا من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه. وأما من لم يكن كذلك وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه، مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبوله".
وهذا الذي قاله الحافظ هو الحق الجدير بالاعتبار، ويؤيده النظر الصحيح.
وأما من كانت بدعته لا توجب الكفر، فإن بعضهم لم يقبل روايته مطلقا، وهو غلو من غير دليل، وبعضهم قبل روايته إن لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، وروي هذا القول عن الشافعي، فإنه قال: "أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم". وقال أيضًا "ما رأيت في أهل الأهواء قوما أشهد بالزور من الرافضة". وهذا القيد - أعني عدم استحلال الكذب- لا أرى داعيا له لأنه قيد معروف بالضرورة في كل راو، فإنا لا نقبل رواية الرواي الذي يعرف عنه الكذب مرة واحدة، فأولى أن نرد رواية من يستحل الكذب أو شهادة الزور [1].
وقال بعضهم [2]: تقبل رواية المبتدع إذا لم يكن داعية إلى بدعته، ولا تقبل إن كان داعية، ورجح النووي هذا القول، وقال: "هو الأظهر الأعدل، وقول: الكثير أو الأكثر".
وقيد الحافظ أبو إسحاق الجوزجاني [أحوال الرجال ص 32]- شيخ =
_____
[1] قال الألباني 1/ 302: هذا الرد صحيح لكن لعل القيد المردود لم يكن بهذا اللفظ وإنما بلفظ آخر ليس من السهولة رده فقد قال شيخ الإسلام في المسودة (ص 264) "ذكر القاضي أنه لا تقبل رواية المبتدع الداعي إلى بدعته قال: لأنه إذا دعا لا يؤمن أن يصنع لما يدعو إليه حديثا يوافقه!
قال الشيخ: التعليل بخوف الكذب ضعيف لأن ذلك قد يخاف على الدعاة إلى مسائل الخلاف الفرعية وعلى غير الدعاة وإنما الداعي يستحق الهجران فلا يشيَّخ في العلم .. "
[2] قال الألباني 1/ 314: وهو إحدى الروايتين عن أحمد وقدمها على الأخرى في المسودة (ص 278) لابن تيمية.