حُفَّاظِهِم (?) مَعرِفَتُنَا بِهَذَا كِهَانَةٌ عِندَ الجَاهِلِ (?).
وَإِنَّمَا يَهتَدِي إِلَى تَحقِيقِ هَذَا الفَنِّ الجَهَابِذَةُ النُّقَّادُ مِنهُم، يُمَيِّزُونَ بَينَ صَحِيحِ الحَدِيثِ وَسَقِيمِهِ، وَمُعوَجِّهِ وَمُستَقِيمِهِ، كَمَا يُمَيِّزُ الصَّيرَفِيُّ البَصِيرُ بِصِنَاعَتِهِ بَينَ الجِيَادِ وَالزُّيُوفِ، وَالدَّنَانِيرِ وَالفُلُوسِ فَكَمَا لَا يَتَمَارَى هَذَا، كَذَلِكَ يَقطَعُ ذَاكَ بِمَا ذَكَرنَاهُ، وَمِنهُم مَن يَظُنُّ (?)، وَمِنهُم مَن يَقِفُ، بِحَسَبِ مَرَاتِبِ عُلُومِهِم وَحِذقهِم وَاطِّلَاعِهِم عَلَى طُرُقِ الحَدِيثِ (?)، وَذَوقِهِم حَلَاوَةَ عِبَارَةِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِي لَا يُشبِهُهَا غَيرُهَا مِن أَلفَاظِ النَّاسِ.
فَمِنَ الأَحَادِيثِ المَروِيَّةِ مَا عَلَيهِا أَنوَارُ النُّبُوَّةِ (?)، وَمِنهَا مَا وَقَعَ فِيهِ تَغيِيرُ لَفظٍ أَو زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ أَو مُجَازَفَةٌ أَو نَحوُ ذَلِكَ، يُدرِكُهَا البَصِيرُ مِن أَهلِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ.
وَقَد يَكُونُ التَّعلِيلُ مُستَفَادًا مِنَ الإِسنَادِ، وَبَسطُ أَمثِلَةِ ذَلِكَ يَطُولُ جِدًّا، وَإِنَّمَا يَظهَرُ بِالعَمَلِ.
وَمِن أَحسَنِ كِتَابٍ وُضِعَ فِي ذَلِكَ وَأَجَلِّهِ وَأَفحَلِهِ (كِتَابُ العِلَلِ) (?)