"حَاشِيَةٌ" (?): ثُمَّ وَقَفْتُ بَعْدَ هَذَا عَلَى كَلَامٍ لِشَيْخِنَا العَلَّامَةِ "ابْنِ تَيْمِيَّةَ"، مَضْمُونُهُ:
أنَّهُ نَقَلَ القَطْعَ بِالحَدِيثِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الأئِمَّةِ؛ مِنْهُمْ القَاضِي "عَبْدُ الوَهَّابِ المَالِكِيُّ"، وَالشَّيْخُ "أبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ" وَالقَاضِي "أبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ"، وَالشَّيْخُ "أبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ" مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَ"ابْنُ حَامِدٍ"، وَ"أبُو يَعْلَى ابْنُ الفَرَّاءِ"، وَ"أبُو الخَطَّابِ"، وَ"ابْنُ الزَّاغُونِيِّ"، وَأمْثَالُهُمْ مِنَ الحَنَابِلَةِ، وَشَمْسُ الأَئِمَّةِ "السَّرخسِيُّ" مِنَ الحَنَفِيَّةِ.
قَالَ: "وَهُوَ قَوْلُ أكثَرِ أهْلِ الكَلَامِ مِنَ الأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَـ"أَبِي إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِينِيِّ"، وَ"ابْنِ فُورَكٍ". S
= من أنَّ الحَدِيثَ الصَّحِيحَ يُفِيدُ "العِلمَ القَطْعِيَّ"، سَواءٌ أَكَانَ في أَحَدِ "الصَّحِيحَينِ" أَمْ في غَيرِهِمَا.
وهَذا "العِلمُ اليَقِينِيُّ" عِلمٌ نَظَرِيُّ بُرهَانِيُّ، لا يَحصُلُ إلَّا لِلعَالِمِ المُتَبَحِّرِ في الحَدِيثِ العَارِفِ بِأَحوَالِ الرُّوَاةِ والعِلَلِ، وأَكَادُ أُوقِنُ أَنَّهُ هُو مَذهَبُ مَن نَقلَ عَنهُم البُلْقيْنِيُّ مِمَّن سَبَقَ ذِكرُهُم، وأَنَّهُم لمَ يُرِيدُوا بِقَولِهِم مَا أَرَادَ "ابنُ الصَّلاحِ" من تَخصِيصِ أَحادِيثِ "الصَّحِيحَينِ" بِذلِكَ.
وهَذا "العِلمُ اليَقِينِيُّ النَّظَرِيُّ" يَبدُوا ظَاهِرًّا لِكُلِّ مَن تَبَحَّرَ في عَلمٍ من العُلُومِ وتَيَقَّنَتْ نَفسُهُ بِنَظَرِيَّاتِهِ واطمَأَنَّ قَلبُهُ إلَيهَا
ودَعْ عَنكَ تَفرِيقَ المُتَكَلِّمِينَ في اصطِلَاحَاتِهِم بَينَ العِلمِ والظَّنِّ؛ فَإنِّما يُرِيدُونَ بِهِما مَعنًى آخَرَ غَيرَ مَا نُرِيدُ. ومِنهُ زَعْمُ الزَّاعِمِينَ أنَّ الإيمَانَ لا يَزِيدُ ولا يَنقُصُ، إنكَارًا لِمَا يَشعُرُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ من النَّاسِ من اليَقِينِ بِالشَّيءِ ثُمَّ ازدِيَادُ هَذا اليَقِينِ. {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]، وإنَّمَا الهُدَى هُدَى الله. [شاكر]