. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . S

= أمَّا الحَدِيثُ المُتَواتِرُ لَفظًا أومَعنَى فَإنَّه قَطعِيُّ الثُّبُوتِ لا خِلافَ في هَذا بَينَ أَهلِ العِلمِ.

وأمَّا غَيرُه من الصَّحِيحِ؛ فَذَهبَ بَعضُهُم إلَى أنَّه لا يُفِيدُ القَطْعَ، بَل هُو ظَنِّيُّ الثُّبُوتِ، وهُو الَّذِي رَجَّحَهُ "النَّوَوِيُّ" في "التَّقرِيبِ". وذَهَبَ غَيرُهُمْ الَى أنَّه يُفِيدُ "العِلمَ اليَقِينِيَّ"

وهُو مَذهَبُ "دَاودَ الظَّاهِرِيِّ"، و"الحُسَينِ بنِ عَليِّ الكَرَابِيسِيِّ"، و"الحارِثِ بنِ أَسَدٍ المُحاسِبِيِّ" وحَكَاهُ "ابنُ خُوَيزِ مَندَادٍ، عن مَالِكٍ" وهُو الَّذِي اختارَهُ وذَهَبَ إلَيهِ

"ابنُ حَزمٍ"، قَالَ في "الإحْكَامِ": "إنَّ خَبرَ الوَاحِدِ العَدلِ عن مِثْلِهِ إلَى رَسُولِ اللهِ

صلَّى الله عَلَيهِ وسلَّمَ يُوجِبُ العِلمَ والعَمَلَ مَعًا ". ثُمَّ أَطالَ في الإحْتِجاجِ لَه والرَّدِّ علَى مُخالِفِيهِ في بَحثٍ نَفِيسٍ 1 (/ 119 - 137).

واختارَ "ابنُ الصَّلاحِ" أنَّ مَا أَخرَجَهُ الشَّيخانِ -البُخارِيُّ ومُسلِمٌ- في صَحِيحَيهِما أَو رَواهُ أَحَدُهُما: مَقطُوعٌ بِصِحَّتِهِ، والعِلمُ اليَقِينِيُّ النَظَرِيُّ وَاقِعٌ بِهِ. واستَثْنَى من ذَلِكَ أَحادِيثَ قَلِيلَةً تَكَلَّمَ عَلَيها بَعضُ أَهلِ النَّقدِ من الحُفَّاظِ؛ كَـ"الدَّارَقُطْنِيِّ" وغَيرِهِ وهِي مَعرُوفَةٌ عِندَ أَهلِ هَذا الشَّأنِ.

هَكَذا قَالَ في كِتابِهِ "عُلومُ الحدِيثِ". ونَقلَ مِثلَهُ "العِرَاقِيُّ" في "شَرحِهِ علَى ابنِ الصَّلاحِ" عن الحَافِظِ "أَبِي الفَضْلِ محمدِ بنِ طَاهِرٍ المَقدِسِيِّ"، و"أَبِي نَصرٍ عَبدِ الرَّحِيمِ بنِ عَبدِ الخالِقِ بنِ يُوسُفَ"، ونَقَلَهُ "البُلْقِيْنِيُّ" عن "أَبِي إسْحاقَ" و"أَبِي حَامِدٍ" الإسْفِرَائِينِييِّنَ، والقَاضِي "أَبِي الطَّيِّبِ"، والشَّيخِ "أبي إسْحاقَ الشِّيرَازِي" من الشَّافِعِيَّةِ. وعن "السَّرخسيِّ" من الحَنَفِيَّةِ وعن القاضِي "عبدِ الوَهَّابِ" من المَالِكِيَّةِ وعن "أَبِي يَعْلَى" و"أَبِي الخَطَّابِ" و"ابنِ الزَّاغُونِي" من الحَنابِلَةِ وعن أَكثَرِ أَهلِ الكَلَامِ من الأَشْعَرِيَّةِ وعن أَهلِ الحَدِيثِ قَاطِبَةً، وهُو الَّذِي اختارَهُ الحَافِظُ "ابنُ حَجَرٍ" [1] والمُؤَلفُ.

والحَقُّ الَّذِي تُرَجِّحُهُ الأَدِلَّةُ الصَّحِيحَةُ: مَا ذَهَبَ إلَيهِ "ابنُ حَزْمٍ" ومَن قَالَ بِقَولِهِ، =

_____

[1] " النكت" (1/ 371)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015