ثُمَّ إِنَّ الإِمَامَ أحْمَدَ قَدْ فَاتَهُ فِي كِتَابِهِ هَذَا -مَعَ أنَّهُ لَا يُوَازِيهِ كِتَابٌ مُسْنَدٌ فِي كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَاتِهِ- أحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا «1»، بَلْ قَدْ قِيلَ: "إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" قَرِيبًا مِنْ S

= وأَمَّا وُجُودُ الضَّعِيفِ فِيهِ - يَعنِي مُسنَدَ أحمدَ - فَهُوَ مُحقَّقٌ، بل فِيهِ أَحادِيثٌ مَوضُوعَةٌ.

وقَد جَمَعتُها في جُزءٍ. وقَد ضَعَّفَ الإمَامُ أحمدُ نَفسُهُ أحادِيثَ فِيهِ - إلَى أن قَالَ: وحَدِيثُ أَنسٍ "عَسقَلانُ أَحَدُ العَرُوسَينِ، يُبعَثُ مِنهَا يَومَ القِيامَةِ سَبعُونَ أَلفًا لا حِسابَ عَلَيهِم".

قَالَ: ومِمَّا فِيهِ -أَيضًا- من المَناكِيرِ حَدِيثُ بُرَيدَةَ: "كُونُوا في بَعْثِ خُرَاسَانَ ثُمَّ انزِلُوا مَدِينَةَ مَرْوٍ، فَإنَّهُ بَنَاهَا ذُوْ القَرْنَينِ". إلخ.

ولِلحافِظِ "ابنِ حَجَرٍ" رِسَالَةٌ سَمَّاهَا "القَوْلُ المُسَدَّدُ، في الذَّبِّ عن مُسنَدِ الإمَامِ أحمدَ"؛ رَدَّ فِيهَا قَولَ مَن قَالَ: "في المُسنَدِ مَوضُوعاتٌ".

ولِلشَيخِ ابنِ تَيمِيَّةَ كَلامٌ حَسَنٌ في ذَلِكَ، ذَكَرَه في "التَّوَسُّلِ والوَسِيلَةِ"، مُحَصِّلُهُ: إن كَانَ المُرادُ بِالمَوضُوعِ مَا في سَنَدِهِ كَذَّابٌ فَلَيسَ في المُسنَدِ من ذَلِكَ شَيءٌ، وإن كَانَ المُرَادُ ما لَم يَقلْهُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، لِغَلَطِ رَاوِيهِ و [1] سُوءِ حِفظِهِ، فَفِي المُسنَدِ والسُّنَنِ من ذَلِكَ كَثِيرٌ [2].

وقَالَ "ابنُ الأَثِيرِ" في "النِّهايَةِ" [3] في مَادَّةِ "بَرَثَ" وفِيهِ: " (يَبْعَثُ اللهُ مِنهَا سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيهِمْ ولَا عَذَابَ، فِيمَا بَينَ البَرْثِ الأَحْمَرِ وَبَينَ كَذَا) ".

"البَرْثُ": الأَرْضُ اللَّيِّنَةُ، وجَمعُها بِراثٌ، يرِيدَ بِها أَرضًا قَرِيبَةً من حِمصَ قُتِلَ بِها جَماعَةٌ من الشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ. [شاكر]

«1» [شاكر] مِثالُهُ: حَدِيثُ عائِشَةَ في قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ، قَد ذَكرَ الحَافِظُ العِراقِيُّ (ص 42): أنَّه في الصَّحِيحِ ولَيسَ في مُسنَدِ أَحمد. [شاكر]

_____

[1] في الحلبي [أو]

[2] وانظر ص 173 من ((التوسل والوسيلة)) ط. د/ربيع

[3] [1/ 112] ط. الطناحي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015