13 - في الحملة الصليبية الثالثة كان هناك تحالفاً قد تم بين السلطان الأيوبي صلاح الدين والإمبراطور البيزنطي إسحاق الثاني إنجليوس ومن المنطقي تماماً أن تسعى تلك الإمبراطورية إلى إيجاد توازن ما مع القوى الإسلامية المجاورة، فلم تكن لتقبل بانتصار ساحق للصليبيين على المسلمين في بلاد الشام، على نحو يؤدي إلى زيادة قوتهم وبالتالي يواجهون تلك الإمبراطورية بشراسة أكبر، لقد أرادت بيزنطة أن تجعل كافة الأطراف تحتاجها سلمياً أو حربياً من خلال لعبة توازن القوى التي برعت فيها في أحيان عديدة وقد كشفت الحملة الصليبية الثالثة على مدى العداء الذي كفته الجيوش الصليبية، لبيزنطة.
14 - تغير مسار الحملة الصليبية الرابعة وتوجهت إلى القسطنطينية واحتلتها وحدث بالمدينة أكبر عمليات السلب والنهب التي شهدتها القرون الوسطى، وتعرضت للمصير المأساوي الذي تعرضت له مدينة بيت المقدس منذ ما يزيد على القرن من الزمان.
15 - إن سقوط القسطنطينية على مثل هذه الصورة كان بمثابة كارثة على فكرة، الحملات الصليبية، كأن الحركة تنتحر، فمن قبل كان الإعلان عن ميلادها موجهاً لحرب "الكفار" وقصد بهم البابا حينذاك المسلمين، وأما الآن؛ فإن نطاق "الكفار" امتد ليشمل المخالفين لكنيسة روما في المعتقدات الدينينة.
16 - إننا لأول مّرة منذ إعلان مشروع أوربان الثاني 1095م/489هـ نجد أن الحركة الصليبية تتجه إلى تلك الوجهة وتسقط عاصمة أكبر إمبراطورية مسيحية في المنطقة على مدى المرحلة الواقعة من القرن العاشر الميلادي/الرابع الهجري إلى القرن الثالث عشر الميلادي/السابع الهجري وطول هذه القرون لم تسقط بيزنطة على أيدي الفرس والروس والنورمان، والمسلمين وغيرهم، إلا أن سقوطها كان على يد قوة مسيحية ممثلة في الغرب الأوروبي، ولذلك لا عجب والأمر كذلك أن تعتبر عام 1204م/602هـ عاماً فارقاً في تاريخ الحملات الصليبية.