وكان الصليبيون آثروا محالفة الصالح إسماعيل والناصر داود، لأن توطيد أواصر الصداقة مع ملكي دمشق والأردن كان أجدى عليهما من مخالفة ملك مصر، لاسيما وأن غزو مصر بالتعاون مع هذين الملكين يجدد أمامهم الأمل في احتلالها والاستيلاء على كنوزها وخيراتها، مما دفع الملك الصالح أيوب إلى الاستعانة بالخوارزمية ودعوتهم لمساندته في صد الهجوم الثلاثي الموجه على مصر، فعبروا نهر الفرات في عشرة آلاف مقاتل، وأمعنوا في سيرهم حتى بلغوا دمشق، وهم ينهبون ويقتلون ويسبون (?)، وارتكبوا من الفواحش ما ارتكبه التتار (?) فساد الذعر واشتد الخوف في جميع البلاد والأراضي التي اجتازوها، وصار الناس يهربون من وجوههم، ثم سار الخوارزمية إلى طبرية فاستولوا عليها، ومنها توجهوا إلى نابلس وبيت المقدس وأحس الصليبيون بما يحيق بهم من الخطر فسارع بطريرك المدينة ومن معه من مقدمي الراوية والاسبتارية إلى تعزيز الحاميات التي تحصنت وراء الاستحكامات التي شيدها من جديد الراوية، غير أن جميع الجهود ذهبت سدى وفي الثاني من صفر سنة 642هـ/الحادى عشر من تموز 1244م اقتحم الخوارزمية المدينة وجرى القتال في الشوارع واستنجد الصليبيون بأمير أنطاكية وطرابلس، وبملك قبرص، وبإخوانهم في عكا، وبحلفائهم المسلمين في دمشق والأردن، فلم ينجدهم أحد، وكل ما قام به الناصر داود أنه توسط في خروج من يرغب منهم في مغادرة المدينة إلى الساحل غير أنه لم يصل منهم إلى يافا سوى ثلاثمائة (?)، لقد كان مسلك الخوارزمية في القدس وفي مطاردة الصليبيين الذين غادروها إلى يافا يتناقض مع مسلك صلاح الدين صاحب الشمائل الكبيرة والمرؤة الكريمة، والتسامح الجميل (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015