5 - الفتح الناصري الداودي للقدس سنة 637هـ:
بعد اعتقال الملك الناصر داود صاحب الكرك للملك الصالح أيوب بالكرك، قصد الملك الناصر داود القدس وكان الإفرنج قد عمروا قلعتها بعد موت الملك الكامل 635هـ أي نقضوا شروط العهد والهدنة بينهم وبين المسلمين التي وقعها معهم الملك الكامل سنة 626هـ فحاصرها وفتحها، وخرَّب القلعة، وبرج محراب داود أيضاً، فإنه لما فتحت القدس سنة 583هـ في الفتح الصلاحي، لم يخرب برج محراب داود، فخربه في هذه المرة وذلك في سنة 637هـ، بعد أن بقي في أيدي الأفرنج نحو إحدى عشرة (11سنة) من حين تسليم الكامل له في سنة 626هـ، فأنشد في ذلك الفتح في مدح الملك الناصر داود، ومقارنة للقدس سنة 637هـ بفتح صلاح الدين الأيوبي للقدس سنة 583هـ؛ أنشد الشاعر الوزير الأيوبي جمال الدين بن مطروح قصيدة جاء فيها:
المسجد الأقصى له آية ... سارت فصارت مثلاً سائراً
إذا غدا للكفر مستوطنا ... أن يبعث الله له ناصراً
فناصرُ ظهوره أولاً ... وناصر ظهوره آخراً (?)
سلمّ الصالح إسماعيل صاحب دمشق حصن شقيق أرنون لصاحب صيداً الفرنجي، فاشتد الإنكار عليه بسبب ذلك من الشيخ عز الدين بن عبد السلام خطيب البلد، والشيخ أبي عمرو بن الحاجب شيخ المالكية، فاعتقلهما مدة، ثم أطلقهما وألزمهما منازلهما، وولىَّ الخطابة وتدريس الغزَّالية لعماد الدين داود بن عمر بن يوسف المقدسيَّ خطيب بيت الآبار ثم خرج الشيخان من دمشق، فقصد أبو عمر والناصر داود بالكرك ودخل الشيخ عز الدين الديار المصرية فتلقَّاه صاحبها الصالح أيوب بالاحترام والإكرام، وولاّه خطابة القاهرة وقضاء مصَر، واشتغل عليه أهلها، فكان ممّن أخذ عنه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، رحمهما الله تعالى (?) وسيأتي الحديث عن عز الدين بن عبد السلام بإذن الله مفصلاً.