9 - وفاة الملك الكامل الأيوبي: 635هـ:
لما بلغ الملك الكامل موت أخيه المعظم جاء ونازل دمشق وأخذها من الناصر، وجعل فيها الأشرف، ولما مات الأشرف، بادر الكامل إلى دمشق وقد غلب عليها أخوه إسماعيل، فانتزعها منه، واستقر بالقلعة، فما بلغ ريقهُ حتى مات بعد شهرين تعلَّلَ بسعال وإسهال وكان به نقرس، فبهت الخلق لما سمعوا بموته وكان عدله مشوباً بعسف، شنق جماعة من الجند في بطيخة شعير (?)، ونازل دمشق فبعث صاحب حِمص لها نجدة خمسين نفساً فظفر بهم وشَنقهم بأسرهم قال الشريف العماد البصرويّ، حكي لي الخادم قال: طلب مني الكامل طستاً ليتقيأ فيه، فأحضرته وجاء الناصر داود فوقف على الباب ليعوده، فقلت: داود على الباب، فقال: ينتظر موتي:؟ وانزعج وخرجت فنزل داود إلى دار سامة، ثم دخلت إلى السُّلطان، فوجدته قد مات وهو مكبوب على المِخَدَّة (?)، وقال ابن واصل: حكى لي طبيبه قال: أخذه زكام فَدخل الحمَّام، وصَبَّ على رأسه ماء شديد الحرارة اتباعاً لما قال ابن زكريا الرازي: إن ذلك يحل الزُّكمة في الحال، وهذا ليس على إطلاقه، قال: فانصَبَ من دِماغه إلى فم المعِدة مادة فتورمت وعرضت الُحمىَّ وأراد القيء فنهاه الأطباء، وقالوا: إن تقيأ هلك فخالف وتقيَّأ ومات بدمشق في الحادي والعشرين من رجب سنة خمس وثلاثين وست مئة ودفن في تابوت (?).
وقال ابن واصل: ولم أجد في شيء من التواريخ أن ثلاثة إخوة من الملوك اجتمع لهم من الشجاعة والنجابة والفضائل ما اجتمع أولاد الملك العادل الثلاثة وهم الملك الكامل، والملك المعظم والملك الأشرف، وكان الملك الكامل أحزمهم وأسوسهم، والملك المعظم أشجعهم وأعلمهم، والملك الأشرف أسمحهم وأنداهم كفا، رحمهم الله أجمعين.