قال: واجتاز يومً في سوق، فرأى عند بقَّال عُنَّاباً، فأعجبه لونه ومالت نفسه إليه، فأمر الحاجب أن يشترِىَ منه ببالس، فاشترى الحاجُب منه بربع بالسٍ، فلما وضعه بين يديه أعجبه وقال: هذا كلهُّ ببالس؟ فقال: وبقى منه هذا وأشار إلى ما بقى معه من المال، فغضب وقال متى يجد من يشتري منه مثلي؟ تممَّوا له عشرة بوالس (?). وقيل له: إن في هذا المكان كنزاً عظيماً، فلو فتحته أخذت منه مالاً كثيراً، فقال: الذي في أيدينا يكفينا، ودعوا هذا يفتحه الناس ويأكلونه، فهم أحقُّ به منا. ولم يتعرَّض له (?). قال: واشتهر عن رجل في بلاده أنه يقول: أنا أعرف موضع كنز، ولا أقوله إلا للقان وألحَّ عليه الأمراء أن يعُلمهم - فلم يفعل، فذكروا ذلك للقان فأحضره على خيل الأولاق - يعني البريد - سريعاً، فلما حضر إلى بين يديه سأله عن الكنز فقال: إنما كنت أقول ذلك حيلة لأرى وجهك، فلما رأى تغيُّرَ كلامه غضب وقال له: قد حصل لك ما طلبت فارجع إلى موضِعك، وأمر بردَّه سالماً، ولم يُعطه شيئاً. قال الجويني وهذا غريب. قال: وأهدى له إنسان رُمَّانة فكسرها وفرّق حبَّها على الحاضرين، ثم أمر له بعدد حَبَّها بَوالَس ثم أنشد عند ذلك:
فلذلك تزدحمُ الوفود ببابه ... مثل ازدحام الحبَّ في الرُّمانِ