ولا يغسلون ثيابهم حتى يبدو وسخُها ولا يكلفَّون العلماء من كلَّ ما ذُكر شيئاً من الجنايات، ولا يتعرَّضون لمال ميت، وقد ذكر علاء الدين الجويني طرَفاً كبيراً من أخبار جنكيزخان ومكارم كان يفعلها لسجيَّته وما أدَّاه إليه عقله، وإن كان مشرِكا بالله يعبد معه غيره، وقد قتل من الخلائق ما لا يعلم عدَدَهم إلا الذي خلقهم، ولكن كان البدَاءة من خوارزم شاه، فإنه لما أرسل جنكيز خان تُجّاراً من جهته معهم بضائع كثيرة من بلاده، فانتهوا إلى إيران، فقتلهم نائبُها من جهة خوارزم شاه، وهو والد زوجته كَشْلى خان، وأخذ جميع ما كان معهم، فأرسل جنكيزخان إلى خوارزم شاه يستعلمه هل وقع هذا الأمر عن رِضاً منه أو أنه لم يعلم به فأنكره، وقال له فيما أرسل إليه: من المعهود من الملوك أن التجار لا يُقتلون؛ لأنهم عمارة الأقاليم، وهم الذين يحملون إلى الملوك التُّحَفَ والأشياءَ النفيسة، ثم إن هؤلاء التجار كانوا على دينك فقتلهم نائبُك، فإن كان أمراً أنكرته، وإلا طلبْنا بدمائهم، فلما سمع خوارزم شاه ذلك من رسول جنكزخان لم يكن جوابه سوى أنه أمر بضرب عنقه، فأساء التدبير، وقد كان خرف وكبرت سنه .. فلما بلغ ذلك جنكز خان تجهزَّ لقتاله وأخذ بلاده، فكان بقدر الله تعالى ما كان من الأمور التي لم يُسمع بأغرب منها ولا أبشع (?)