الثالث عشر: وفاة الطاغية جنكيز خان سنة 624هـ في عهد الملك الكامل:
من الشخصيات العالمية في عهد الملك الكامل والتي كان له تأثير كبير على المجتمع الدولي حينذاك جنكيز خان تحدث عنه ابن كثير فقال: السلطان الأعظم عند التَّتار، والد ملوكِهم اليوم، الذي ينتسبون إليه، من عظَّم القان إنما يُريدُ هذا الملِكَ وهو الذي وضع لهم "الياسَاق" (?) التي يتحاكمون إليها ويحكمون بها، وأكثرهم مخالف لشرائع الله تعالى وكتبه، وإنما هو شيء اقترحه من عند نفسه وتبعوه في ذلك، وقد كانت أمُّه تَزُعمُ أنها حملت به من شُعاع الشمس، فلهذا "لا يعرف له أبٌ، والظاهر أنه مجهول النّسب، وقد رأيت مجلدَّا جمعه الوزير ببغداد علاء الدين الجُوينيُّ في ترجمته فذكر فيه سيرته وما كان يشتمل عليه من العقل السياسي والكرم والشَّجاعة والتّدبير الجيد للملك والرَّعايا والحروب، فذكر أنه كان في ابتداء أمره خصيصاً عند الملك أُزبَك خان وكان إذ ذاك شابَّا حسناً وكان اسمه أولا تمرجي، ثم لما عظُم سمَّي نفسه جنكزخان، وكان هذا الملك قد قرَّبه وأدناه، فحسده عظماءُ الملكِ، ووشَوْا به إليه حتى أخرجوه عليه وهمَّ بقتله، ولم يَجِدْ له طريقاً في ذنب يتسلَّطُ به عليه، فهو في ذلك إذ تَغضَّب الملك على مملوكين صغيرين فهربا منه، ولجأ إلى جنكز خان، فأكرمهما وأحسن إليهما فأخبراه بما يُضمِرُه الملك أُزبَك خان من قتله والهّم به، فأخذ حذره وتحيز بدولة واتبعه طوائف من التتار، وصار كثير من أصحاب أُزبك خان ينفرون إليه، ويَفدِون عليه، فيُكرمهُم ويُعطيهم، حتى قويت شوكته، وكثرت جنوده، ثم حاربَ بعد ذلك أُزبك خان، فظفر به وقتله، واستحوذ على مملكته ومُلكه وانضاف إليه عُدَدُ وَعَددُه، وعظم أمره، وبُعد صيتَه، وخضعت له قبائل الترك ببلاد طمغاج كلَّها، حتى صار يركب في ثمانمائة ألف مقاتل وأكبر القبائل قبيلته التي هو من أصلها يُقال لها: قيات.