وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: 108] , فَذَكَرَ الْقَوْلَ ثُمَّ سَمَّاهُ عَمَلًا ثُمَّ قَالَ {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} هَلْ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ إِلَّا دُعَاؤُهُ إِيَّاهُمْ إِلَى اللَّهِ , وَرَدُّهُمْ عَلَيْهِ قَوْلَهُ بِالتَّكْذِيبِ وَقَدْ أَسْمَاهَا هَاهُنَا عَمَلًا؟ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} [الصافات: 51] إِلَى {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61] فَهَلْ يَكُونُ التَّصْدِيقُ إِلَّا بِالْقَوْلِ , وَقَدْ جَعَلَ صَاحِبَهَا هَاهُنَا عَامِلًا؟ ثُمَّ قَالَ {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} , فَأَكْثَرَ مَا يَعْرِفُ النَّاسُ مِنَ الشُّكْرِ أَنَّهُ الْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ , وَإِنْ كَانَتِ الْمُكَافَأَةُ قَدْ تُدْعَى شُكْرًا فَكُلُّ هَذَا الَّذِي تَأَوَّلْنَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ , وَمَا وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ يَتَأَوَّلُونَهُ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ , إِلَّا أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُسْتَفِيضُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ غَيْرَ الْمَدْفُوعِ , فَتَسْمِيَتُهُمُ الْكَلَامَ عَمَلًا , مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: لَقَدْ عَمِلَ فُلَانٌ الْيَوْمَ عَمَلًا كَثِيرًا , إِذَا نَطَقَ بِحَقٍّ وَأَقَامَ الشَّهَادَةَ , وَنَحْوَ هَذَا وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْمَعَ رَجُلٌ صَاحِبَهُ مَكْرُوهًا , قِيلَ: قَدْ عَمِلَ بِهِ الْفَاقِرَةَ , وَفَعَلَ بِهِ الْأَفَاعِيلَ , وَنَحْوَهُ مِنَ الْقَوْلِ , فَسَمُّوهُ عَمَلًا , وَهُوَ لَمْ يَزِدْهُ عَلَى الْمَنْطِقِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَأْثُورُ: مَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ , قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَنْفَعُهُ فَوَجَدْنَا تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ , وَآثَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا مَضَتْ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ , وَصِحَّةُ النَّظَرِ , كُلُّهَا تُصَدِّقُ أَهْلَ السُّنَّةِ فِي الْإِيمَانِ فَيَبْقَى الْقَوْلُ الْآخَرُ , فَأَيُّ شَيْءٍ يُتَّبَعُ