ويَكِلُون ما أشكل عليهم إلى عالمه، وعن مجاهد: يتبعونه حق اتباعه، وفي رواية: يعملون به حق عمله.
ثم قد يقرن بالتلاوة غيرها كقوله: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت: 45] . قال أحمد بن حنبل وغيره: تلاوة الكتاب: العمل بطاعة الله كلها، ثم خص الصلاة بالذكر، كما في قوله: {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} [الأعراف: 170] ، وقوله: {فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] . وكذلك لفظ " اتباع ما أنزل الله " يتناول جميع الطاعات كقوله: {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} [الأعراف: 3] ، وقوله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه: 123] ، وقوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] ، وقد يقرن به غيره كقوله {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام: 155] ، وقوله: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 106] ، وقوله: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يونس: 109] .
وكذلك لفظ [الأبرار] إذا أطلق دخل فيه كل تقي من السابقين والمقتصدين، وإذا قرن بالمقربين كان أخص، قال تعالى في الأول: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الإنفطار: 13، 14] ، وقال في الثاني: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 18: 22] ، وهذا باب واسع يطول استقصاؤه.
ومن أنفع الأمور في معرفة دلالة الألفاظ مطلقاً وخصوصاً ألفاظُ الكتاب والسنة، وبه تزول شبهات كثيرة كثر فيها نزاع الناس، من جملتها [مسألة الإيمان والإسلام] ، فإن النزاع في مسماهما أول اختلاف وقع، افترقت الأمة لأجله وصاروا مختلفين في الكتاب والسنة، وكَفَّر بعضهم بعضاً، وقاتل بعضهم بعضاً كما قد بسطنا هذا في مواضع أخر إذ المقصود هنا بيان شرح كلام الله ورسوله