به أنهم يعلمون ما فيه ويعملون به؛ ولهذا صاروا مفلحين، وكذلك قول أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43] ، وإنما هداهم؛ بأن ألهمهم العلم النافع، والعمل الصالح.

ثم قد يقرن الهدى إما بالاجتباء كما في قوله: {وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 87] ، وكما في قوله: {شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ} [النحل: 121] ، {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} [الشورى: 13] ، وكذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [الصف: 9] ، والهدى هنا هو الإيمان ودين الحق هو الإسلام، وإذا أطلق الهدى كان كالإيمان المطلق يدخل فيه هذا وهذا.

ولفظ الضلال إذا أطلق تناول من ضل عن الهدى، سواء كان عمداً أو جهلاً، ولزم أن يكون معذباً كقوله: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} [الصافات: 69، 70] ، وقوله: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 67، 68] ، وقوله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123] ثم قد يقرن بالغي والغضب، كما في قوله: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 2] ، وفي قوله: {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ، وقوله: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 47] .

وكذلك لفظ [الغي] إذا أطلق تناول كل معصية لله كما في قوله عن الشيطان: {وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39، 40] ، وقد يقرن بالضلال كما في قوله: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} وكذلك اسم الفقير إذا أطلق دخل فيه المسكين، وإذا أطلق لفظ المسكين تناول الفقير، وإذا قرن بينهما فأحدهما غير الآخر، فالأول كقوله: {وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} [البقرة: 271] ، وقوله: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] ، والثاني كقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015