لقد بينت الأحاديث أن لهذه الطاعات أثراً عظيماً في القبر، فهي تحيط بالمؤمن من جميع جوانبه وتحميه وتدافع عنه (?).
4ـ الشهادة في سبيل الله تعالى: قال تعالى:" وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" (آل عمران، آية: 169، 170).
وقد جاء بيان ذلك في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عندما سأله مسروق عن معنى الآية الأولى فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فأطّلع عليهم ربهم اطلّاعة فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلمّا رأى أن ليس لهم حاجة تركوا (?).
فالشهداء أرواحهم حية عند الله حياة برزخية، مودوعة في أجواف طير خضر تتنعم بنعم الله، وترتزق برزق الله، تسرح من الجنة حيث شاءت، تأكل من ثمارها وتلتذ بنعيمها، وهي مغتطبة فرحة بما نالت من أجر وحظيت من كرامة، بل تتمنىّ أن تعود إلى الدنيا لتقتل في سبيل الله مرة أخرى لما رأت من فضل الشهادة وعظيم ثوابها (?).