وأهل الدرجات العاليات يكونون في نعيم أرقى من الذين دونهم فقد ذكر الله أنه أعد للذين يخافون جنتين: "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ" (الرحمن، آية: 46)، ووصفهما ثم قال: "وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ" (الرحمن، آية: 62)، أي دون تلك الجنتين في المقام والمرتبة، ومن تأمل صفات الجنتين اللتين ذكرهما الله آخراً، علم أنهما دون الأوليين في الفضل، فالأوليات للمقربين، والأخريات لأصحاب اليمين، قال القرطبي: لما وصف الجنتين أشار إلى الفرق بينهما، فقال في الأوليين "فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ" (الرحمن، آية: 50).

وقال في الأخريين: " فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ" (الرحمن، آية: 66) أي فوارتان بالماء، ولكنهما ليستا كالجاريتين، لأن النضخ دون الجري، وقال في الأوليين: "فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ" (الرحمن، آية: 52) معروف وغريب، رطب ويابس، فعم ولم يخص، وفي الأخريين: " فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ" (الرحمن، آية: 68)، ولم يقل من كل فاكهة زوجان.

وقال في الأوليين: " مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ" (الرحمن، آية: 54) وهو الديباج.

وقال في الأخريين: "مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ" (الرحمن، آية: 76)، والعبقري الوشي، ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي، والرفرف كسر الخبا، ولا شك أن الفرش المعدة للاتكاء فيها أفضل من الخبا،

وقال في الأوليين في صفة الحور العين: " كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ" (الرحمن، آية: 58).

وفي الأخريتين: "فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ" (الرحمن، آية: 70).

وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015