وحذف أداة العطف من هذه الجملة وأتى بها مستقلة غير معطوفة على ما قبلها إيذاناً بأنها المقصودة وما قبلها توطئة لها، ثم أخبر عن المغوى لهم الحامل لهم على ذلك وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم حتى صدهم عن السبيل المستقيم وهو السجود لله وحده، ثم أخبر أن ذلك الصد حال بينهم وبين الهداية والسجود لله الذي لا ينبغي السجود إلا له، ثم ذكر من أفعاله سبحانه اخراج الخبء في السموات والأرض، وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن وأنواع ما ينزل من السماء وما يخرج من الأرض، وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب تعالى بخصوصه إشعار بما خصه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض، قال صاحب الكشاف وفي إخراج الخبء إمارة على أنه من كلام الهدهد لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السموات والأرض جلت قدرته ولطف علمه ولا يكاد يخفي على ذي الفراسة، الناظر بنور الله مخايل كل شخص بصناعة أو فن من العلم في روائه ومنطقه وشمائله فما عمل آدمي عملاً إلا ألقى الله عليه رداء عمله (?).

سادساً: دليل انتظام الكون وعدم فساده:

وانتظام أمر العالم، العلوي والسفلي، وارتباط بعضه ببعض، وجريانه على نظام محكم، لا يختلف ولا يفسد من أدلّ دليل على أن مدبّره واحد لا إله غيره (?).

قال تعالى: " لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ " (الأنبياء، آية:22)، لو كان في السموات والأرض آلهة تصلح لهم العبادة سوى الله الذي هو خالق الأشياء وله العبادة والألوهية التي لا تصلح إلا له " لفسدتا " أي: لفسد أهل السموات والأرض (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015