فهذا العهد والميثاق الذي أخذه الله جل جلاله على الناس مضمونه الإعتراف والإقرار بربوبيته، وأشهدهم على أنفسهم فشهدوا، فمن الناس من حافظ على ذلك العهد وقام بمقتضاه ولازمه من عبادة ربه وحده لا شريك له وتوحيده. وصدق رسل الله وآمن بهم وبما جاءوا به، ومن الناس من تغيرت فطرته وانحرفت واجتالته الشياطين ـ والعياذ بالله ـ فنسى ما شهد عليه وما جبل عليه من الإقرار بربوبية الله عز وجل فوقع في الكفر والإلحاد، مع أن الله سبحانه لم يترك عباده سدى بل أرسل لهم الرسل وأنزل معهم الكتب ليذكّروا الناس بهذا الإشهاد وهذا العهد والميثاق ولكي يبقى المسلم متذكراً هذا العهد الذي أخذه الله عليه في عالم الذر فقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ذكراً يقولونه في الصباح والمساء ففي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال: سيد الإستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما أستطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي أبوء بذنبي فأغفرلي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (?). فقوله: وأنا على عهدك: أي: ما عاهدتك عليه من الإيمان بك والإقرار بوحدانيتك، لا أزول عنه (?)، قال ابن حجر: وقال ابن بطال قوله: وأنا على عهدك ووعدك يريد العهد الذي أخذه الله على عباده حيث أخرجهم أمثال الذر وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم فأقروا له بالربوبية وأذعنوا له بالوحدانية، وبالوعد ما قاله على لسان نبيه (?)، فهذا الذكر العظيم من داوم عليه يومياً ولازمه حفظ نفسه ـ بإذن الله ـ من إنحراف فطرته وتغيّرها ووفّى بعهده الذي بينه وبين ربه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015