ومن مقاصد القرآن: الدعوة إلى تزكية النفس البشرية، فلا فلاح في الأولى والآخرة لها إلا بالتزكية، كما قال تعالى:" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" (الشمس، آية: 7 ـ 10).
فالنفس بفطرتها مستعدة للفجور الذي يدنسها ويدسيها، استعدادها للتقوى التي تطهرها وتزكيها، وعلى الإنسان بعقله وإرادته أن يختار أي الطريقين: طريق التزكية أو طريق التدسية، ولا ريب أنه إذا اختار طريق التزكية فقد اختار طريق الفلاح، قال تعالى: " قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى" (الأعلى، آية: 14).
وقال سبحانه فيمن يأتي ربه يوم القيامة: " وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى" (طه، آية: 75 ـ 76).
ورسالات الأنبياء جميعاً كانت ـ من مقاصدها ـ الدعوة إلى التزكية، ولهذا رأينا موسى ـ عليه السلام ـ يقول لفرعون حين أرسل إليه من ربه: " هَل لَّكَ إِلَى أَنتَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى" (النازعات، آية: 18 ـ 19).
وكان من الشعب الأساسية لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم: التزكية، كما جاء ذلك في آيات أربع من كتاب الله، منها ما جاء في دعوة إبراهيم وإسماعيل للأمة المسلمة الموعودة: " رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ" (البقرة، آية: 129).
ومنها قوله عز وجل: " كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ" (البقرة، آية: 151).