قال تعالى:" أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" (يونس، آية: 38).

ولما بهت الذين كفروا، ولم يستسلموا صاروا كالذي يتخبطه الشيطان من المسَّ، مرة يقولون استهزاء:" لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ" (الأنفال، آية: 31).

وأخرى يقولون عابثين:" ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ" (يونس، آية: 15).

وصار أمرهم على ما يقول الله العظيم:" بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ" (يونس، آية: 39) (?).

فهذا القرآن العظيم ليس ألفاظاً وعبارات يحاول الإنس والجن أن يحاكوها، كلا وربي، إنه كلام الله تعالى الذي تحدى به الخلق كلهم، فقال عز وجل من قائل حكيم:" قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" (الإسراء، آية: 88).

فهذا تنويه بشرف القرآن وعظمته وهذه الآية ونحوها تُسمىّ آيات التحدي، وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن الكريم أو سورة منه (?).

وكيف يقدر المخلوق من تراب أن يكون كلامه ككلام ربّ العالمين، أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه أن يأتي بكلام ككلام الكامل، الذي له الكمال المطلق، والغنى الواسع من جميع الوجوه، هذا ليس في الإمكان ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة بأنواع الكلام، إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء ظهر له الفرق العظيم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015