جاء فتى من قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا، فثار الصحابة وهموا به لجرأته على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم وقف موقفاً آخر فقال: "أدنه" فدنا فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك؟ قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، ثم قال له مثل ذلك في ابنته وأخته وعمته وخالته، في كل ذلك يقول: أتحبه لكذا؟ فيقول: لا جعلني الله فداك، فيقول صلى الله عليه وسلم ولا الناس يحبونه .. فوضع يده عليه وقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك يلتفت إلى شيء (?).
وإنما عامله النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الرفق، تحسيناً للظن به، وأن الخير كامن فيه والشر طارئ عليه، فلم يزل يحاوره حتى اقتنع عقله، واطمأن قلبه إلى خبث الزنا وفحشه، وكسب مع ذلك دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (?).
وهي من الاخلاق القرآنية العظيمة التي كانت لها العناية الكبرى في القرآن الكريم من حيث ذكرها والتوبة بشأنها لما لها من عظيم الأثر في الحياة الدينية والدنيوية (?).
1 ـ الرحمة صفة من صفات الله تعالى:
وهي صفة من صفات الحق تبارك وتعالى التي وصف بها نفسه كثيراً في القرآن العظيم في نحو مائتي آية، فضلاً عند تصدر كل سورة بصفتي الرحمن الرحيم، وذلك البسملة التي هي آية من كل سورة عدا سورة براءة (?).
وذلك للدلالة على مبلغ رحمته العظيمة وشمولها العام بعباده ومخلوقاته.
ــ قال تعالى: " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ" (الأعراف، آية: 156 ـ 157).