أبرز ما يميز هذه الأمة عن غيرها من الأمم أوصاف أربعة:
1 ـ الربانية: ربانية المصدر، وربانية الوجهة، فهي أمة أنشأها وحي الله تعالى وتعهدتها تعاليمه وأحكامه هي من اكتمل لها دينها، وتمت به نعمة الله عليها، كما قال تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" (آل عرمان، آية: 3).
قال تعالى هو صانع هذه الأمة، ولهذا نجد القرآن الكريم يقول: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" (البقرة، آية: 143)، فهذا التعبير " جَعَلْنَاكُمْ" يفيد أن الله هو جاعل هذه الأمة ومستخدمها وصانعها.
ومثل ذلك قوله تعالى: " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" (آل عمران، آية: 110)، فتعبير "أُخْرِجَتْ" يدل على أن هناك مُخرجاً أخرج هذه الأمة، فهي لم تظهر اعتباطاً، ولم تكن نباتاً برياً ينبت وحده دون أن يزرعه زارع، بل هو نبات مقصود متعهِّد بالعناية والرعاية والذي أخرج هذه الأمة وزرعها وهيأها لرسالتها هو الله جل شأنه.
فهي أمة مصدرها رباني، ووجهتها ربانية كذلك، لأنها تعيش لله، ولعبادة الله، ولتحقيق منهج الله في أرض الله فهي من الله وإلى الله، كما قال تعالى لرسوله: " قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَ لَهُ" (الأنعام، آية: 162 ـ 163).
2 ـ الوسطية:
والثاني: الوسطية التي تؤهل هذه الأمة للشهادة على الناس وثبوتها مكان الأستاذية للبشرية، وفيها جاءت الآية الكريمة: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" (البقرة، آية: 143).