ومن أشهر الأدلة التي يستدل بها المحتجون بالقدر على توسيع تفريطهم وعصيانهم حديث احتجاج آدم وموسى ـ عليهما الصلاة والسلام ـ وهو ما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احتج آدم وموسى فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله عليّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة، فجح آدم موسى ثلاثاً (?)؟

لقد تسرع بعض الناس فأنكروا هذا الحديث حين ظنوه سنداً للاحتجاج على الذنوب بالقدر، وتمحل آخرون تأويلات غير مقبولة، واتخذه آخرون تكأة يتوكؤون عليها، ويستندون إليها إذا وقعوا في الذنوب والآثام والديث لا مطعن في صحته، فقد رواه الشيخان عن حديث أبي هريرة وروي في السنن بإسناد جيد من حديث عمر رضي الله عنه (?) والحديث يشير إلى أمور في غاية الوضوح منها:

1ـ أن الحديث ليس فيه أن موسى لام آدم على المعصية، وإنما فيه أنه قاله: "يا آدم أنت أبونا، خيبتنا وأخرجتنا من الجنة"، وظاهر هذا القول أنه لامه على الإخراج من الجنة لا على الأكل من الشجرة، فيكون اللوم على المصيبة التي حصلت بسبب المعصية، لا المعصية نفسها (?)، والمؤمن مأمور على نزول المصائب أن يرجع إلى القدر ويحتمي به، فإن سعادة العبد أن يفعل المأمور ويترك المحظور، ويسلم للمقدور، ولهذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول عند حلول ما نكره: قدر الله وما شاء فعل (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015