ثالثاً: تضمنت لا حول ولا قوة إلا بالله معان عقدية عظيمة القدر: لمن فقهها غير دلالتها على القدر منها:
1 ـ أنها كلمة استعانة بالله العظيم، ومن استعان بالله جل جلاله، فالله سبحانه يعينه على قضاء حوائجه، وجميع ما يصلحه. والاستعانة بالله من أفضل العبادات وأجلّها وتعرف منزلتها وعظم شأنها من خلال سورة الفاتحة التي أمر الله سبحانه عباده أن يتعبدوه بتلاوتها يومياً مراراً، وذلك في قوله تعالى: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" فهذه الآية فيها إخلاص الاستعانة لله لأنه قدم ما حقه التأخير فأفاد حصر الاستعانة بالله وكذلك لا حول ولا قوة إلا بالله كلمة تحتوي على الإخلاص لله بالإستعانة فهي تدل على ما دلت عليه (?).
2ـ الإقرار بأنواع التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية، فقائلها يقر ويعتقد بأن الله وحده المدبر بهذا الكون المتصرف بحكمته ومشيئته فلا يقع فيه شئ إلا بإذنه ومشيئته، كما أنه معترف بأن من كان هذا وصفه فهو بالطبع غنيًّ عن خلقه قائم بذاته متصف بصفات الكمال من القدرة والعظمة والقوة والعزة، ومن يعتقد هذا في خالقه كان عليه لزاماً أن يؤلهه ويعبده ويقصده ويلتجئ إليه ولا يرجو أحداً سواه، ولا يدعو أحداً إلا هو، لأنه بيده التصرف التام وله الملك وهو على كل شئ قدير (?).
3 ـ التوكل على الله وتفويض الأمور إليه والاستسلام والإذعان له مع إظهار الذل والافتقار له سبحانه فهو الغني والعبد فقير إليه لا يملك من أمره شيئاً.
ويجدر التنبيه هنا على أمر يُخطئ به بعض الناس ألا وهو: استعمالهم هذه الكلمة في غير موضعها اللائث بها، ونجم ذلك عن عدم معرفة معناها ومحتواها فيجعلونها كلمة استرجاع لا كلمة استعانة بالله (?).