إن كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله دخلت من باب القدر لكونها تدل على مرتبة من مراتبه وهي المشيئة، فقد ذكرنا أن مراتب القدر أربع مراتب ومنها: الإيمان بمشيئة الله النافذة في خلقه وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فعندما يقول العبد "لا حول ولا قوة إلا بالله" يعتقد في قرارة نفسه أنه لا يستطيع التحول من أمر لآخر إلا إذا شاء الله له ذلك وقدره له، فلا ينصرف عن المعصية إلى الطاعة إلا بمشيئة الله تعالى، ولا ينصرف من المرض إلى الصحة إلا إذا كتب الله له الشفاء وشاء له، ولا يتحول من ضعف إلى قوة، ولا من ذلٍّ إلى عزٍ، ومن قلة إلى كثرة، ولا من جوع إلى شبع ولا من فقر إلى غنى، ولا من خوف إلى أمن، ولا من شرٍّ إلى خير إلا بمشيئة الله وإرادته، فلا يتحول ويتقلب من أي حال مهما كان إلى حال غيره إلا إذا شاء له الله ذلك، كما أنه ليس لعبد في نيل مطلوب والحصول على مرغوب أو دفع مرهوب إلا إن أعانه الله سبحانه وأمده بقوة منه، فالعبد، بقوله لهذه الكلمة يتبرأ من حوله وقوته، ويعتقد أن الحول والقوة بالله وحده فهو سبحانه مالك الملك وخالق، بيده أمور الخلق يتصرف بهم كيف يشاء ويصرّفهم حيث يشاء ويقلّب أحوالهم من حال إلى حال على حسب مشيئته وحكمته وإرادته لا مانع لما قضى ولا لما أعطى، ولا معطي لما منع بيده الملك وهو على كل شئ قدير (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015