فهذا الكتاب يتحدث عن القدر بعيداً عن صخب الأهواء وأغشية الشبهات وضجيج المجادلات، فقد طالعت ركاماً هائلاً من الميراث التاريخي في هذا الباب فرأيت من الفائدة تركها والعودة إلى عصر النبوة والصحابة للوصول إلى يقين ذلك الجيل المبارك وطمأنينته والذي نهل من المعين الصافي الذي تكفل الله بحفظه والمتمثل في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (الأنعام، آية: 153).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله (?).
وقال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد (?).
ففي هذا الكتاب كان الحديث في المبحث الأول: عن القضاء والقدر في اللغة والشرع والفرق بين القضاء والقدر، وأدلة القرآن على وجوب الإيمان به، وحديث القصص القرآني عنه، كقصة نوح وإبراهيم، ويوسف، وموسى وزكريا ومريم، وصاحب الجنتين، والأدلة من السنة النبوية على وجوب الإيمان به والوصايا النبوية لتدريب النفس على الرضا بالقضاء والقدر ونهى الرسول صلى الله عليه سلم عن الخوض فيه، حديث الصحابة عنه وفي المبحث الثاني: كان التفصيل عن مراتب القدر، كالعلم، والكتابة، والإرادة والمشيئة، والخلق، وتضمن المبحث الثالث: التقادير الخمس كالتقدير الأزلي، وتقدير يوم الميثاق، والعمري والحولي، واليومي، وتضمن أيضاً: أنواع الإرادة، الكونية والشرعية والفرق بينهما.