4 ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت أرحمني إن شئت، أرزقني إن شئت، وليعزم مسئلته أنه يفعل ما يشاء لا مكره له (?).
ففيه إثبات المشيئة لله ـ تعالى ـ فهو الغفور الرحيم، والرازق إذا شاء، وهو سبحانه يفعل ما يشاء، لا مكره له، والحديث فيه الحث على العزم في المسألة والجزم فيها، دون ضعف أو تعليق على المشيئة، وإنما نهى عن التعليق على المشيئة لأنه لا يتحقق استعمال المشيئة إلا في حق من يتوجه إلى الإكراه، والله ـ سبحانه وتعالى ـ لا مكره له، كما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هنا (?).
5 ـ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه حيث يشاء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك (?). والشاهد قوله: "كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"، ومعناه أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده كلهم، فيهدي ويضل كما يشاء، ففيه دلالة على مرتبة المشيئة (?).
6 ـ وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ حين أجابه بعد سؤاله له هو وفاطمة بقوله: "ألا تصليان؟ " فأجابه بقوله: أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، قال علي: فانصرف حين قلت له ذلك، ولم يرجع إلي شيئاً، ثم سمعته وهو مُوَلِّ يضرب فخذه وهو يقول: " وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا" (?).