وصاحب الإيمان الصحيح بالقدر يشاهد نفسه عند فعل السيئات وارتكاب المنهيات ولا يحتج بالقدر على عصيانه لأنه لا حجة لأحد فيه، كما بيّنا، وإنما يرجع إلى نفسه ليوبخها من كبوتها حالاً كما ينهض من الوحل، إذا وقع فيه ويعقد العزم على عدم العودة إلى الذنب، ويتوجه إلى الله بالإعتراف بالذنب بانكسار قلب، وبهذا كله علّمنا القرآن وضرب لنا الأمثال وقص علينا موقف انبيائه الكرام في مثل هذه الأحوال، قال تعالى عن نبيه آدم عليه السلام:"رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّم تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (الأعراف، آية: 23)، وقال تعالى عن موسى عليه السلام:"رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي" (القصص، آية: 16).
وفي الحديث الشريف: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (?)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم: أما من يشاهد القدر عند فعله السيئات محتجاً به دافعاً المسئولية عن نفسه فمثله مثل إبليس حيث قال كما أخبرنا الله عنه:"قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ" (الحجر، آية: 39).
وكان عاقبته كما هو معروف الطرد من رحمة الله (?).
هذه بعض ثمار الإيمان بالقدر وغيرها كثير:
ـ كأداة عبادة الله عز وجل، فالقدر مما تعبدنا الله سبحانه بالإيمان به، وقوة الإيمان، فالذي يؤمن بالقدر يقوى إيمانه، فلا يتخلى عنه لا يتزعزع أو يتضعضع مهما ناله في ذلك السبيل.
ـ الهداية، كما قال تعالى:" وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" (التغابن، آية: 11)