الايمان بالقدر (صفحة 330)

وقال الشاعر:

إذا لم يكن عون من الله للفتى ... فأول ما يجنى عليه اجتهاده

ومن العجز المذموم هنا: إلقاء الأحمال على القدر والاحتجاج به في الإعفاء من المسئولية، وقديماً قيل: من دلائل العجز كثرة الإحالة على المقادير وحديثاً قال الشاعر الفيلسوف الدكتور محمد إقبال: المسلم الضعيف يحتج بقضاء الله وقدره، أما المسلم القوي يعتقد أنه قدر الله الذي لا يغلب وقضاؤه الذي لا يرد، وقد روي أن بعض الصحابة ـ في زمن الفتوح الإسلامية ـ سأله أحد قادة الفرس: من أنتم؟ وما حقيقتكم؟ فقال له: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، وابتلانا بكم، فلو كنتم في سحابة في السماء لصعدنا إليكم، أو لهبطتم إلينا (?).

إن من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلم إذا أصابه شئ من شدائد الدنيا وابتلاؤاتها ـ وما أكثرها ـ ألا يسلم نفسه للتحسر والأسى على ما فاته، فيصبح ويمسي، وهو يمضغ كلمات الأسى والأسف، ويقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا على سبيل التحسر والتمني، ويجتر الذكريات الحزينة، بل أمره أن يرد الأمر هذا إلى قدر الله، ويسلم أمره وقضائه قائلاً: قدر الله وما شاء الله فعل، معتبراً أن الخير فيما اختاره له، ثم هو لا يقدر على غير ذلك، وليتجه ـ بعد ذلك ـ للمستقبل ويعمل ويبني وينتج، لا إلى "اللَّولَوة" التي يقول فيها "لو أني فعلت، ولو أني تركت" فإن "لو" هذه "لو" المتمنية والمتحسرة تفتح عمل الشيطان، وعمله ليس وراءه إلا الضياع والخسران (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015