فالآجال سواء كانت قصيرة أو طويلة مقدرة من أسبابها، وليست منفصلة عنها، كما يتوهم عوام الناس، فمن قدر له طول الأجل، قدر له أنه سيتهيأ له من الأسباب، من توافر الغذاء الصحي، وطيب الهواء النقي، وممارسة العمل البدني أو الرياضي والابتعاد عما يضر بالبدن تناوله، من المسكرات أو المخدرات، أو اللأشياء الضارة كالتدخين، أو طول السهر، أو ارتكاب المحرمات، فهو بهذه الأسباب يطول عمره، وهذه الأسباب مقدرة كمسبباتها، ومن قدر له قصر العمر، قدر له أن يبتلي بسوء التغذية، أو سوء التهوية أو الإصابة بعدوى أو تناول ما يضره ويؤذيه، أو يصيبه حادث في طريق، بأن يموت في كارثة عامة كالزلزال، أو يقتله قاتل عمداً أو خطأ، فيموت وينتهي أجله بواحد من هذه الأسباب أو غيرها، ولكنه مات في وقته المقدر له، وفي "أجله المسمى" عند الله، فلا انفصال في الأقدار بين المسببات وأسبابها بحال (?).
وقد يشكل على بعض الناس مواضع في كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول بعضهم: إذا كان الله علم كل ما هو كائن، وكتب ذلك كله عنده في كتاب الله فما معنى قوله:"يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ" (الرعد، آية: 39).
وإذا كانت الأرزاق والأعمال والآجال مكتوبة لا تزيد ولا تنقص فما توجيهكم لقوله صلى الله عليه وسلم: من سرّه أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه (?).
وكيف تفسرون قول نوح لقومه:"أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى" (نوح، آية: 3 ـ 4).
والجواب أن الأرزاق والأعمار نوعان: