والأنواع كثيرة والأصل أن يأتي التعليل بالحروف، وقد تدل عليه الأسماء والأفعال، والحق يقال أن السياق له أثر في الدلالة على العلية إن لم تكن الأدلة نصاً في العلية، فينظر فيما يحتمل التعليل وعدمه يحسب السياق (?).
في ذلك من الحكم ما لا يحيط بتفصيله إلا الله، فمنها أن يكمل الله عز وجل لأنبيائه وأوليائه مراتب العبودية بمجاهدة الشيطان وحزبه ومخالفته ومراغمته وإغاظته وإغاظة أوليائه، والاستعاذة به سبحانه من الشيطان، والإلجاء إليه سبحانه أن يعيذهم من شره وكيده فيترتب لهم على ذلك من المصالح الدنيوية والأخروية ما لا يمكن أن يحصل لهم بدون خلق الله.
ــ ومنها ـ أي من الحكم ـ خوف المقربين من المؤمنين من ذنوبهم بعد ما شاهدوا من حال إبليس، وكيف طرد من رحمة الله تعالى لذنبه؟ فكيف يأمن المقربون بعد ذلك؟ وكيف يأمن المؤمنون الصادقون بعد ذلك؟ إن كان قد طرد إبليس بذنب كيف يعجب بعد ذلك عالم بعلمه؟
فستظل هذه العبودية ملازمة للملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين والمؤمنين الصادقين لخوفهم من رب العالمين، لأنه طرد إبليس من رحمته بذنب وقع فيه، فالملائكة المقربون إذا ما أمر الله إسرافيل بالنفخ في الصور قالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك مع أنهم لم يخالفوا الله في أمر، كما قال الله عز وجل في شأنهم: "لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (التحريم، آية: 6).