النوع الثالث: الإتيان بكي الصريحة في التعليل، كما قال تعالى: "مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ" (الحشر، آية: 7).
فعلل سبحانه قسمته الفئ بين الأصناف التي ذكرها كي لا يتناوله الأغنياء دون الفقراء، وقال تعالى: "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ" (الحديد، آية: 22 ـ 23).
أنا قدر المصائب والبلاء قبل أن يبرأ الأنفس والمصائب والأرض، ومصدر ذلك قدرته وحكمته البالغة التي منها أن لا يحزن عباده ولا يفرحهم بما آتاهم إذا علموا أن المصيبة مقدرة كائنة ولا بد، وقد كتبت قبل خلقهم وذلك يهون عليهم ما أصابهم (?).
النوع الرابع: ذكر المفعول له، وهو علة للفعل المعلل به، قال الله تعالى: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" (النحل، آية: 89)، فقوله: "تِبْيَانًا" ـ وما بعدها ـ الأحسن أن ينصب على أنه مفعول لأجله لدلالة قول الله تعالى: "وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" (النحل، آية: 64).
وقال تعالى: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" (النحل، آية: 44)، وفي الآيتين بيان لتلك، وقال تعالى: "وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا" (الإسراء، آية: 59) أي لأجل التخويف (?).