الايمان بالقدر (صفحة 248)

وليس في هذه الوقاية ومباشرة أسبابها مناقضة للإيمان بالقدر، وإنما أخذ بقدر لمنع قدر، والقدر مادام مجهولاً عندنا وهو محتمل الوقوع فنحن نباشر أسباب عدم وقوعه فإن كان مكتوباً عند الله وقوعه لم يتيسر لنا مباشرة أسباب دفعه، أو تتيسر لنا هذه الأسباب ولكن لا تؤدي إلى نتيجتها لوجود مانع يمنع من افضائها إلى مسببها، والمقصود هنا أن مباشرة الاسباب لمنع وقوع ما يحتمل وقوعه من الأقدار ليس فيه مناقضة للمعنى الصحيح للقدر وإنما هو أخذ بقدر لمنع قدر لأن السبب والمسبب بقدر الله تعالى جاء في الحديث الشريف: قيل يا رسول الله أرأيت أدوية نتدوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال هي من قدر الله (?)، فإذا كان من قدر الله أن لا يصاب الإنسان بالمرض قدّر الله له مباشرة ما يدفع به وقوع المرض وعندما وصل الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مشارف الشام وعلم بنزول الطاعون فيهم وهمّ بالرجوع قال له أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: أفرار من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ فقال رضي الله عنه: لو كان غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ونقع في قدر الله، ثم قال عمر رضي الله عنه ما معناه: لو كان عندك غنم أو إبل وأمامك أرض مجدبة وأخرى مخصبة فإذا نزلت بالمجدبة أو المخصبة أو تحولت من المجدبة إلى المخصبة، فكل ذلك بقدر الله (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015