وما أجمل ما قاله عمر بن الخطاب لبعض الناس في زمنه عندما قال: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم أرزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة وإنما يرزق الله تعالى بعضهم من بعض، أما قرأتم قول الله تعالى: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ" (الجمعة، آية: 10) (?).
إذا كان الأصل في السنن الجارية هو تعلق المسببات بأسبابها، وارتباط النتائج بمقدامتها، فإن الأصل لا يتغير في السنن الخارقة المبنية على خرق العادة والأسباب، وعدم التغيير فيها يتمثل في مراعاة صورة الأسباب في تلك الخوارق ليظل قانون السببية عالقاً بذهن المكلف، ومرتبطاً بإقامة الكون وحركة الحياة، والقرآن الكريم زاخراً بالآيات التي يمكن الاستدلال بها في هذا الصدر (?)، ومنها:
ـ قوله تعالى: "فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً" (البقرة، آية: 60). ـ وفي الكلام حذف تقديره: فضرب فانفجرت (?).
قال القرطبي: وقد كان الله تعالى قادراً على تفجير الماء وفلق الحجر من غير ضرب، ولكن أراد أن يربط المسببات بالأسباب حكمة منه للعباد في وصولهم إلى المراد، وليرتب على ذلك ثوابهم وعقابهم في الميعاد (?).