إن الظالم والباغي الكافر في دستور ذي القرنين معذّب مرتين، مرة في الدنيا على يديه، والأخرى يوم القيامة، حيث يعذبه الله عذاباً نكراً، أما المؤمن الصالح فإنه مقرب من ذي القرنين يجزيه الجزاء الحسن، ويكافئه المكافأة الطيبة ويخاطبه بيسر وسهولة وإشراق وبر ومودَّة (?).
لقد كان ميزان العدالة في حكمه بين الناس هو التقوى والإيمان والعمل الصالح ودائماً يتطلع إلى مقامات الإحسان.
ب ـ المنهج التربوي للشعوب:
إن الله تعالى أوجب العقوبة الدنيوية على من ارتكب الفساد في المجتمع وكلف أهل الإيمان ممن مكن لهم في الأرض أن يحرصوا على تنفيذ العقوبات للمفسد والظالم لكي تستقيم الحياة في الدنيا.
إن ذا القرنين يقدم لكل مسئول أو حاكم أو قائد منهجاً أساسياً، وطريقة عملية لتربية الشعوب على الاستقامة والسعي بها نحو العمل لتحقيق العبودية الكاملة لله تعالى (?).
وهذا دستور الحاكم الصالح، فالمؤمن الصالح ينبغي أن يجد الكرامة والتيسير، والجزاء الحسن عند الحاكم والمعتدي الظالم يجب أن يلقى العذاب والإيذاء وحين يجد المحسن في الجماعة جزاء إحسانه جزاءً حسناً أو مكاناً كريماً وعوناً وتيسيراً، ويجد المعتدي جزاء إفساده عقوبة وإهانة وجفوة، عندئذ يجدون ما يحفزهم إلى الصلاح والإنتاج، أما حين يضطرب ميزان الحكم، فإذا المعتدون المفسدون ومقربون إلى الحاكم، مقدمون في الدولة، وإذا العاملون الصالحون منبوذون أو محاربون، فعندئذ، تتحول السلطة في يد الحاكم سوط عذاب وأداة فساد، ويصير نظام الجماعة إلى الفوضى والفساد (?).