1 ـ في قصة نوح عليه الصلاة والسلام: قال تعالى: "قَالُواْ يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَاتَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِنشَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ * وَلاَيَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (هود، آية: 32 ـ 34).
فهم قالوا لنوح عليه السلام مستعجلين: يا نوح قد جادلتنا أي: حاججتنا فأكثرت من ذلك، ونحن لا نتبعك، فآتنا بما تعدنا من العذاب، فأجابهم نوح مبيناً أن الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يأتيكم بالعذاب إن شاء، ثم بين نوح أيضاً أن نصحه لا ينفع إذا كان الله يريد أغواءهم، فإرادة الله غالبة، ومشيئته نافذة (?).
2 ـ وفي قصة إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع ابنه إسماعيل ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما أراد ذبحه بأمر الله، يقول: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَاتُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنشَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" (الصافات، آية: 102).
وقال تعالى: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ" أي: بلغ أن ينصرف معه ويعينه (?)، وفي هذا يكون في الغالب أحب ما يكون لوالديه، فرأى أبوه في المنام أن الله يأمره بذبحه، ورؤيا الأنبياء وحي، فقال الابن مستسلماً: "يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنشَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ"، فأخبر أنه موطِّن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة الله تعالى لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة الله (?).