بين سبحانه وتعالى في غير ما آية وإن سنته في الكافرين هي أن يعاقبهم بالإضلال وعدم الهداية، وقد جاء التعبير عن كفرهم هذا بالظلم تارة، وبالفسق تارة أخرى، وبالتكذيب ثالثة، وبالإجرام رابعة، ليضيف كل لفظ من هذه الألفاظ معنى آخر، بالإضافة إلى معنى الكفر، وقد جاء بيان جزائهم في أكثر من سياق سواء في الكفر أو الفسق أو الظلم، ليكشف أيضاً علل ذلك الكفر، وصفات الذين حكم عليهم بالكفر أو الفسق أو الظلم وعدم الهداية لهم، ومن خلال تتبع الآيات التي جعلت الظلم والفسق والكفر والإجرام سبباً في الضلال وعدم الهداية، وتبين أن المقصود بمعظمها الشرك وعدم الإيمان بالله وما يترتب عليه، وجحد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والتكذيب بها، وإن كان لكل لفظ من هذه الألفاظ له معناه الذي يختص في الأصل والوضع (?).
أ ـ الفسق: والفسق يقع على كثير الذنب وقليله، ولكنه تعورف بالكثير أكثر، ومن وجوه ورود الفسق في القرآن في الكفر وترك التوحيد، فالكافر فاسق لاخلاله بما ألزمه العقل واقتضته الفطرة السليمة (?)، قال تعالى: " وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (النور، آية: 55).
ومن الآيات التي بينت سنة الله في إضلال هذا الصنف من الناس والذي يجمع بينهم الكفر قوله سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ" (البقرة، آية: 26).