وأما قوم نوح فقد وصفهم نبيهم عليه السلام كما حكى القرآن ذلك: "وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا" (نوح، آية: 7)، فقوله: " جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ" لئلا يسمعوا صوتي " وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ" أي: غطوا بها وجوههم لئلا يروني، وقيل جعلوا ثيابهم على رؤوسهم لئلا يسمعوا كلامي فيكون استغشاء الثياب على هذا النحو زيادة في سد الأذان (?).
ـ وقال تعالى: " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" (لقمان، آية: 7).
ـ وقال تعالى: " يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا" (الجاثية، آية: 8).
ـ وقال تعالى: " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ" (المنافقون، آية: 5).
وإذا كان المتكبر يدفعه كبره ألا يسمع آيات الله، وإذا سمعها فلا ينظر فيها ولا يتدبرها، ولا ينقاد إلى ما تدعو إليه من الهدى، فإن ذلك يستتبع نتائجه في عقله وغيبه، وذلك بصرف الله إياه عن الإنتفاع بآياته سواء الكونية أو السمعية (?).
ـ قال تعالى: " سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ" (الأعراف، آية: 146).