مُتَعَدِّدَةٍ كَمَا قَدْ فَعَلْنَا نَحْنُ هَذَا وَجَرَّبْنَاهُ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً يَطُولُ وَصْفُهَا بِحَضْرَةِ خَلْقٍ كَثِيرِينَ.
وَأَمَّا الِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِمْ بِمَا يُقَالُ وَيُكْتَبُ مِمَّا لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فَلَا يُشْرَعُ لَاسِيَّمَا إنْ كَانَ فِيهِ شِرْكٌ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ. وَعَامَّةُ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعَزَائِمِ فِيهِ شِرْكٌ، وَقَدْ يَقْرَءُونَ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَيُظْهِرُونَهُ وَيَكْتُمُونَ مَا يَقُولُونَهُ مِنَ الشِّرْكِ، وَفِي الِاسْتِشْفَاءِ بِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَا يُغْنِي عَنِ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ.
وَالْمُسْلِمُونَ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمَاتِ كَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَتَنَازَعُونَ فِي أَنَّ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ بِحَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ حَالٍ، وَلَيْسَ هَذَا كَالتَّكَلُّمِ بِهِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ. فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ، وَالتَّكَلُّمُ بِهِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ بِقَلْبِ صَاحِبِهِ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهِ مَعَ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ بِالْإِيمَانِ لَمْ يُؤَثِّرْ.
وَالشَّيْطَانُ إذَا عَرَفَ أَنَّ صَاحِبَهُ مُسْتَخِفٌّ بِالْعَزَائِمِ لَمْ يُسَاعِدْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُكْرَهَ مُضْطَرٌّ إلَى التَّكَلُّمِ بِهِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى إبْرَاءِ الْمُصَابِ بِهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ لَا يُؤَثِّرُ أَكْثَرَ مِمَّا يُؤَثِّرُ مَنْ يُعَالِجُ بِالْعَزَائِمِ فَلَا يُؤَثِّرُ بَلْ يَزِيدُهُ شَرًّا. وَالثَّانِي: أَنَّ فِي الْحَقِّ مَا يُغْنِي عَنِ الْبَاطِلِ.
وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِدُخُولِ الْجِنِّيِّ فِي الْإِنْسِ. وَقَوْمٌ يَدْفَعُونَ ذَلِكَ بِالْعَزَائِمِ الْمَذْمُومَةِ فَهَؤُلَاءِ يُكَذِّبُونَ بِالْمَوْجُودِ وَهَؤُلَاءِ يَعْصُونَ بَلْ يَكْفُرُونَ بِالْمَعْبُودِ. وَالْأُمَّةُ الْوَسَطُ تُصَدِّقُ بِالْحَقِّ الْمَوْجُودِ وَتُؤْمِنُ بِالْإِلَهِ الْوَاحِدِ الْمَعْبُودِ وَبِعِبَادَتِهِ وَدُعَائِهِ وَذِكْرِهِ وَأَسْمَائِهِ وَكَلَامِهِ، فَتَدْفَعُ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.
وَأَمَّا سُؤَالُ الْجِنِّ وَسُؤَالُ مَنْ يَسْأَلُهُمْ فَهَذَا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّصْدِيقِ لَهُمْ فِي كُلِّ مَا يُخْبِرُونَ بِهِ وَالتَّعْظِيمِ لِلْمَسْئُولِ فَهُوَ حَرَامٌ (?) كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ