ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَمَرَ بِقِتَالِهِمْ وَأَخْبَرَ أَنَّ أُمَّتَهُ سَتُقَاتِلُهُمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِتَالَهُمْ النَّافِعَ إنَّمَا هُوَ بِالْقِسِيِّ الْفَارِسِيَّةِ وَلَوْ قُوتِلُوا بِالْقِسِيِّ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي تُشْبِهُ قَوْسَ الْقُطْنِ لَمْ تُغْنِ شَيْئًا؛ بَلِ اسْتَطَالُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقُوَّةِ رَمْيِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ قِتَالِهِمْ بِمَا يَقْهَرُهُمْ. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ بِالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مَشْرُوعًا قَبْلَ هَذَا، فَفَعَلَ لِأَجْلِ الْجِهَادِ مَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا بِدُونِ ذَلِكَ. فعن بن خُثَيْمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، فَقُلْتُ: الْأَطْرَافُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تُسْنَدُ بِالْكَعْبَةِ؟ قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: سألت بن عَبَّاسٍ عَنْهَا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ بَلَغَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَقُولُ: تُبَايعُونَ ضُعَفَاءَ؛ قَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَكَلْنَا مِنْ ظَهْرِنَا، فَأَكَلْنَا مِنْ شُحُومِهَا، وَحَسَوْنَا مِنَ الْمَرَقِ، فَأَصْبَحْنَا غَدًا حَتَّى نَدْخُلَ عَلَى الْقَوْمِ وَبِنَا جِمَامٌ؟ قَالَ:"لَا وَلَكِنِ ائْتُونِي بِفَضْلِ أَزْوَادِكُمْ".فَبَسَطُوا أَنْطَاعَهُمْ، ثُمَّ جَمَعُوا عَلَيْهَا مِنْ أَطْعِمَاتِهِمْ كُلَّهَا، فَدَعَا لَهُمْ فيها بالبركة، فأكلوا حتى تضلعوا شبعا، فاكتفوا فِي جُرَبِهِمْ فُضُولَ مَا فَضَلَ مِنْهَا، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - على قريش وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ نَحْوَ الْحَجَرِ، اضْطَبَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِأَصْحَابِهِ:"لَا يَرَى الْقَوْمُ فِيكُمْ غَمِيزَةً" وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ، وَتَغَيَّبَتْ قُرَيْشٌ، مَشَى هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى اسْتَلَمُوا الرُّكْنَ الأسود، فطاف ثلاثة أطواف، فلذلك تقوم قُرَيْشٌ وَهُمْ يَمُرُّونَ بِهِمْ يَرْمُلُونَ: لَكَأَنَّهُمُ الْغِزْلَانُ. قال ابن عباس: وكانت سنة" (?)

وَلِهَذَا قَدْ يَحْتَاجُ فِي إبْرَاءِ الْمَصْرُوعِ وَدَفْعِ الْجِنِّ عَنْهُ إلَى الضَّرْبِ فَيُضْرَبُ ضَرْبًا كَثِيرًا جِدًّا، وَالضَّرْبُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْجِنِّيِّ وَلَا يَحُسُّ بِهِ الْمَصْرُوعُ حَتَّى يَفِيقَ الْمَصْرُوعُ، وَيُخْبِرَ أَنَّهُ لَمْ يَحُسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي بَدَنِهِ وَيَكُونُ قَدْ ضُرِبَ بِعَصَا قَوِيَّةٍ عَلَى رِجْلَيْهِ نَحْوَ ثَلَاثِمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعِمِائَةِ ضَرْبَةً وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ عَلَى الْإِنْسِيِّ لَقَتَلَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْجِنِّيِّ، وَالْجِنِّيُّ يَصِيحُ وَيَصْرُخُ وَيُحَدِّثُ الْحَاضِرِينَ بِأُمُورٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015