وَأَمَّا إسْلَامُ صَاحِبِهِ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ فَهُوَ مِثْلُ إسْلَامِ أَمْثَالِهِ مِنَ الْمَظْلُومِينَ، وَهَذَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» (?)
فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ أَوْ هُوَ مَشْغُولٌ بِمَا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ أَوْ قَامَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ أَوْجَبُ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ هَذَا مَشْرُوعٌ؟ فَهَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّهُ مَا زَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَدْفَعُونَ الشَّيَاطِينَ عَنْ بَنِي آدَمَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ كَمَا كَانَ الْمَسِيحُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَمَا كَانَ نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ ذَلِكَ، فعن مَطَرَ الأَعْنَقَ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الْوَازِعِ بْنِ الزَّارِعِ، أَنَّ جَدَّهَا الزَّارِعَ، انْطَلَقَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الأَشَجِّ أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَكَانَ يُسَمَّى عَبَّادَ بْنَ عَمْرٍو، فَانْطَلَقَ مَعَهُ بِابْنٍ لَهُ مَجْنُونٍ أَوْ بِابْنِ أَخٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ الأَشَجُّ: يَا زَارِعُ، خَرَجْتَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَأَخْرَجْتَ مَعَكَ رَجُلا مَجْنُونًا، فَقَالَ لَهُ: أَمَّا الْمَجْنُونُ فَإِنِّي أَذْهَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَسَى أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى فَيُعَافَى أَوْ يَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ بِالْعَافِيَةِ قَالَ جَدِّي: فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، قِيلَ: هَذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا مَلَكْنَا أَنْفُسَنَا أَنْ وَثَبْنَا عَنْ رَوَاحِلِنَا، فَجَعَلْنَا نُقَبِّلُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَأَمَّا الأَشَجُّ فَإِنَّهُ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَعَقَلَهَا، وَطَرَحَ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَعَمَدَ إِلَى