وَالنَّكَالِ، {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ بِسَبَبِ مَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ." (?)
فالمراد نفي حجته لا نفي قوته على المس، وأما تكريم بني آدم وتفضيلهم فلا يفيد عدم المس لأن المكرم قد يصاب وقد يقتل فيعظم أجره، ولا يفيد ذلك عدم تكريمه وتفضيله. (?)
وَقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية- رَحِمَهُ اللَّهُ -:
هَلْ الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ يُنْكِرُ مَا تَفْعَلُهُ الشَّيَاطِينُ الجانة مِنْ مَسِّهَا وتخبيطها وَجَوَلَانِ بَوَارِقِهَا عَلَى بَنِي آدَمَ وَاعْتِرَاضِهَا؟ فَهَلْ لِذَلِكَ مُعَالَجَةٌ بِالْمُخَرَّقَاتِ وَالْأَحْرَازِ وَالْعَزَائِمِ وَالْأَقْسَامِ وَالرُّقَى وَالتَّعَوُّذَاتِ وَالتَّمَائِمِ؟ وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْجِنَّ يَرْجِعُونَ إلَى الْحَقَائِقِ عِنْدَ عَامِرَةِ الْأَجْسَادِ بِالْبَوَارِ وَأَنَّ هَذِهِ الْخَوَاتِمَ الْمُتَّخَذَةَ مَعَ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ سُرْيَانِيٍّ وَعِبْرَانِيٍّ وَعَجَمِيٍّ وَعَرَبِيٍّ لَيْسَ لَهَا بُرْهَانٌ وَأَنَّهَا مِنْ مُخْتَلَقِ الْأَقَاوِيلِ وَخُرَافَاتِ الْأَبَاطِيلِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنَ الْقُوَّةِ وَلَا مِنَ الْقَبْضِ بِحَيْثُ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُتَوَلِّي هَذَا الشَّأْنِ عَلَى مَمَرِّ الدُّهُورِ وَالْأَوْقَاتِ؟.
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وُجُودُ الْجِنِّ ثَابِتٌ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا. وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْجِنِّيِّ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:275].
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ، فِي العَشْرِ الغَوَابِرِ مِنْ