قَتَلَ بَعْضَهُمْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَى وَهَذَا أَشَدُّ الصَّرْعِ وَكَثِيرًا مَا يَقْتُلُونَ الْمَصْرُوعَ وَتَارَةً يَكُونُ بِطَرِيقِ الْعَبَثِ بِهِ كَمَا يَعْبَثُ سُفَهَاءُ الْإِنْسِ بِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ .. (?)

وقال الحافظ في الفتح: " انحِباس الرِّيح قَد يَكُون سَبَبًا لِلصَّرعِ، وهِيَ عِلَّة تَمنَع الأَعضاء الرَّئِيسَة عَن انفِعالها مَنعًا غَير تامّ، وسَبَبه رِيح غَلِيظَة تَنحَبِس فِي مَنافِذ الدِّماغ، أَو بُخار رَدِيء يَرتَفِع إِلَيهِ مِن بَعض الأَعضاء، وقَد يَتبَعهُ تَشَنُّج فِي الأَعضاء فَلا يَبقَى الشَّخص مَعَهُ مُنتَصِبًا بَل يَسقُط ويَقذِف بِالزَّبَدِ لِغِلَظِ الرُّطُوبَة، وقَد يَكُون الصَّرع مِنَ الجِنّ، ولا يَقَع إِلاَّ مِنَ النُّفُوس الخَبِيثَة مِنهُم، إِمّا لاستِحسانِ بَعض الصُّور الإِنسِيَّة وإِمّا لإِيقاعِ الأَذِيَّة بِهِ، والأَوَّل هُو الَّذِي يُثبِتهُ جَمِيع الأَطِبّاء ويَذكُرُونَ عِلاجه، والثّانِي يَجحَدهُ كَثِير مِنهُم، وبَعضهم يُثبِتهُ ولا يَعرِف لَهُ عِلاجًا إِلاَّ بِمُقاومَةِ الأَرواح الخَيِّرَة العُلوِيَّة لِتَندَفِع آثار الأَرواح الشِّرِّيرَة السُّفلِيَّة وتَبطُل أَفعالها.

ومِمَّن نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُقراط فَقالَ لَمّا ذَكَرَ عِلاج المَصرُوع: هَذا إِنَّما يَنفَع فِي الَّذِي سَبَبه أَخلاط، وأَمّا الَّذِي يَكُون مِنَ الأَرواح فَلا. اهـ (?)

وأما قوله تعالى: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {إبراهيم: 22}، قال ابن كثير: " أَيْ: مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ فِيمَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ مِنْ دَلِيلٍ وَلَا حُجَّةٍ عَلَى صِدْقٍ مَا وَعَدْتُكُمْ بِهِ، {إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، هَذَا وَقَدْ أَقَامَتْ عَلَيْكُمُ الرُّسُلُ الْحُجَجَ وَالْأَدِلَّةَ الصَّحِيحَةَ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءُوكُمْ بِهِ، فَخَالَفْتُمُوهُمْ فَصِرْتُمْ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، {فَلا تَلُومُونِي} الْيَوْمَ، {وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} فَإِنَّ الذَّنْبَ لَكُمْ، لِكَوْنِكُمْ خَالَفْتُمُ الْحُجَجَ وَاتَّبَعْتُمُونِي بِمُجَرَّدِ مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى الْبَاطِلِ، {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ} أَيْ: بِنَافِعِكُمْ وَمُنْقِذِكُمْ وَمُخَلِّصِكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} أَيْ: بِنَافِعِيَّ بِإِنْقَاذِي مِمَّا أَنَا فِيهِ مِنَ

الْعَذَابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015